(يجب) على الوالد التسوية بين أولاده في العطية والتمليك المالي، (ويستحب) له التسوية في المحبة والرعاية، لكن إذا كان فيهم من هو معاق أو مريض أو صغير ونحوه فالعادة أن يكون أولى بالشفقة والرحمة والرقة. وقد سئل بعض العرب: من أحب أولادك إليك؟ فقال: الصغير حتى يكبر، والمريض حتى يبرأ، والغائب حتى يقدم. الاعمى إذا أراد الصلاة فعليه أن يتحرى القبلة باللمس للحيطان إذا كان صاحب البيت، وإلا فعليه أن يسأل من حضر عنده، فإن لم يكن عنده من يسأله تحرى وصلى بالاجتهاد الغالب على ظنه، ولا إعادة عليه، كالبصير إذا اجتهد في السفر ثم تبين له خطأ اجتهاده فلا إعادة عليه. إن المسلم الملتزم بدين الله ، والذي سار على صراط الله المستقيم ، سيجد دعاة الضلال والانحراف؛ وهم واقفون على جانبي الطريق، فإن أنصت لهم والتفت إليهم عاقوه عن السير، وفاته شيء كثير من الأعمال الصالحة. أما إذا لم يلتفت إليهم؛ بل وجه وجهته إلى الله فهنيئا له الوصول إلى صراط ربه المستقيم الذي لا اعوجاج فيه ولا انحراف إذا عرف الصغير ربه، وعظم قدر ربه في قلبه، نشأ على طاعة الله تعالى، ونشأ على محبته، وأحب عبادة الله وعظمها في صغره، وسهلت عليه وداوم عليها في كبره، وكره المعصية ونفر منها، وكره كل ما نهى الله تعالى عنه؛ حيث أن آباءه يعلمونه الخير ويؤدبونه عليه تعبير الرؤيا يرجع فيه إلى معرفة أشياء تختص بالرائي وما يتصل به، وكذا معرفة القرائن والأحوال، ومعرفة معاني الكلمات وما يتصل بها لغة وشرعا وما يعبر به عنها، وهذه الأمور ونحوها يختص بها بعض الناس لانشغالهم بمعرفتها وما يدور حولها، فعلى هذا لا يجوز لكل أحد أن يعبر الرؤى، فقد يفهم فهما بعيدا، وقد يأخذ التعبير من اللفظ لا من المعنى فيخطئ في ذلك.
تفسير آيات الأحكام من سورة النور
54590 مشاهدة
صيغة السلام

...............................................................................


واختلف هل الأفضل التنكير أو التعريف؛ فيفضل بعضهم التنكير لأنه الذي ورد كثيرا في القرآن منكرا مثل قوله تعالى: وَالْمَلَائِكَةُ يَدْخُلُونَ عَلَيْهِمْ مِنْ كُلِّ بَابٍ سَلَامٌ عَلَيْكُمْ بِمَا صَبَرْتُمْ فَنِعْمَ عُقْبَى الدَّارِ ومثل قوله تعالى: تَحِيَّتُهُمْ فِيهَا سَلَامٌ منكرا ، ومثل قوله: سَلَامٌ قَوْلًا مِنْ رَبٍّ رَحِيمٍ ومثل ما حكى الله عن الملائكة: إِذْ دَخَلُوا عَلَيْهِ فَقَالُوا سَلَامًا قَالَ سَلَامٌ قَوْمٌ مُنْكَرُونَ فجاء بها منكرة، ومثل قوله: وَسَلَامٌ عَلَيْهِ يَوْمَ وُلِدَ وَيَوْمَ يَمُوتُ وَيَوْمَ يُبْعَثُ حَيًّا .
وجاء أيضا معرفا في سورة مريم قال عيسى وَالسَّلَامُ عَلَيَّ يَوْمَ وُلِدْتُ وَيَوْمَ أَمُوتُ وَيَوْمَ أُبْعَثُ حَيًّا فجاء به معرفا، وفي سورة طه قوله تعالى: وَالسَّلَامُ عَلَى مَنِ اتَّبَعَ الْهُدَى .
فعلى هذا: لا مانع من أن يأتي به منكرا أو يأتي به معرفا. فإذا اختار التعريف؛ فإنه يكون أبلغ لأنه للاستغراق؛ الألف واللام للاستغراق.
وقيل: إن السلام اسم الله، ذكروا أن الصحابة في آخر التشهد كانوا يقولون: السلام على الله من عباده، السلام على جبريل وميكائيل السلام على فلان وفلان، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: إن الله هو السلام؛ فقولوا: التحيات لله فأخبرهم بأن الله تعالى يحيا، ولا يسلم عليه؛ لأن السلام اسمه؛ أو لأن السلام دعاء، الله تعالى يدعى ولا يدعى له؛ لأن الدعاء لمن ينتفع بالدعوة، الله هو الذي يدعى فيحيا؛ لأن التحية تعظيم التحيات لله يعني: التعظيمات؛ فلذلك يسلم على غيره.
أمرنا الله تعالى- بأن نسلم على نبيه في قوله:... علمهم- صلى الله عليه وسلم- أن يقولوا في التشهد: السلام عليك أيها النبي، ورحمة الله وبركاته وعلمهم أن يقولوا: السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين وكل ذلك من السلام الذي هو دعاء.